الخميس، ٢٦ ذو القعدة ١٤٢٨ هـ

2- تابع البحث

المبحث الأول:
وأول سؤالٍ يفضحُ طفولةَ الخطوات..ويتعثّرُ على طريق البحث.. *عن أيّ (ال)نتحدّث؟؟ الحقيقة أن بحثنا يتمحور بالدرجة الأولى حول (ال) التي تجيء بمعنى الذي وإن كنا قد قَصَرنا جُهدنا على دراستها في حين دخولها على الفعل المضارع، غير أنّ الصورة لن تتّضح دون الإشارة ولو بلمحة بسيطة عن (ال) الموصولة بشكلٍ عام..وقبل أن نُبحِرَ في خضمّ الكتب،لا بُدّ من التنويهِ بأننا استحْسَنّا استخدامَ (ال) بدلاً من التعبير بـ(الألف واللام) وإن كُنّا قد لاحظنا كثرة التعبير بهذا الأخير في أُمّهات الكُتب، إلا أننا ارتضينا قول صاحب شرح الكافية الشافية "التعبير بـ(ال) أولى من التعبير بالألف واللام ليسلك في ذلك سبيل التعبير عن سائر الأدوات كـ(هل) و(بل) فكما لا يُعبّر عن (هل) و(بل) بالهاء واللام والباء واللام بل يحكى لفظهما، كذا ينبغي أن يفعل بالكلمة المشار إليها وقد استعمل التعبير بـ(ال) الخليل وسيبويه رحمهما الله" (1)
1-علامَ تدخُل؟؟
ورد في كتاب المقتصد للجرجاني قول الشيخ ابي علي :"والإخبار بالذي أعم من الإخبار بالألف واللام لأنك تخبر بالذي عما كان أوله فعلاً متصرفاً أو غير متصرف أو اسما محدّثاً عنه ولا تخبر بالألف واللام إلا عمّا كان أوله فعل متصرف " وقال الشيخ ابو بكر:"اعلم ان الاصل في الاخبار هو الذي لأنه يدخل على الجملتين تقول الذي هو زيد منطلق والذي قام غلامه زيد فقد وقع في صلته الاسم والفعل ,والألف واللام فرع على الذي وقائم مقامه فلا تخبر به إلا إذا كانت الجملة فعلية"(2)ويقول الزّجّاجي في كتابه الجمل في النحو"وأما الألف واللام إذا كانتا بمعنى الذي والتي فإنهما يدخلان على أسماء الفاعلين والمفعولين المشتقة من الأفعال وتحتاج إلى صلة وعائد كما تحتاج الذي والتي ولا تُقدّم صلاتها عليها ولا يُفرّق بينها وبين صِلتها بشيء"(3)
ومن المهم أن نضيف قول السيوطي في همع الهوامع "توصل (ال) بصفة محضة وذلك اسم الفاعل والمفعول كالضارب والمضروب بخلاف غير المحضة كالذي يوصف به وهوغير المشتق كأسد وكالصفة التي غلبت عليها الاسمية كأبطح وأجزع وصاحب وراكب فأل في جميع ذلك معرفة لا موصولة وفي وصلها بالصفة المشبهة قولان:أحدهما:توصل بها نحو الحسن وبه جزم ابن مالك ,والثاني : لا وبه جزم في البسيط لضعفها وقربها من الاسماء ورجحه ابن هشام في المغني لأنها للثبوت فلا تؤول بالفعل،قال ولذلك لا توصل بأفعل التفضيل باتفاق وفي وصلها بالفعل المضارع قولان :أحدهما:توصل به وعليه ابن مالك ,لوروده في قوله :( ماأنت بالحكم الترضى حكومته)وقوله : (ما كاليروح ويغدو لاهياً فرحاً )وقوله: ( الى ربنا صوت الحماراليجدع) والثاني:لا وعليه الجمهور وقالوا الأبيات من الضرورات القبيحة ولا توصل بالجملة الاسمية ولا الظرف إلا في ضرورة باتفاق. كقوله:(من القوم الرسول الله منهم) وقوله:(من لا يزال شاكراً على المعه)أي الذين رسول الله منهم ,والذي معه".(4)
وكلامه شافٍ، روى عطش السؤال..وألجم سيلَ الاستفهاماتِ المكتظّة في عقولنا..وما دمنا نستحثُّ خُطانا للمضيّ قُدُماً في إماطة اللثام عن الوجه الخفيّ لـ(ال) الموصولة، سنُسهب في طرح آراء النحاة المتناثرة في كتبهم،وهنا نقف على شرح ابن عقيل لأحد أبيات ابن مالك المرتبطة بموضوعنا ارتباطاً مباشراً،يقول:صفة صريحة صلة الْ وكونها بمعرب الأفعال قلْ"الألف واللام لا توصل إلا بالصفة الصريحة، قال المصنف في بعض كتبه، وأعني بالصفة الصريحة: اسم الفاعل،نحو الضارب واسم المفعول، نحو: المضروب. والصفة المشبهة نحو: الحسن الوجه, فخرج نحو: القرشي والأفضل.وفي كون الألف واللام الداخلتين على الصفة المشبهة موصولة خلاف , وقد اضطرب اختيار الشيخ ابي الحسن بن عصفور في هذه المسألة ,فمرة قال: انها موصولة ,ومرة منع ذلك.وقد شذ وصل الألف واللام بالفعل المضارع واليه اشار بقوله:وكونه بمعرب الأفعال قل.ومنه قوله :(ما أنت بالحكم الترضى....)"(5)
ويبيّن المبرّد في كتابه المقتضب وجه الإخبار بالذي و(ال) بشيء من التفصيل عن طريق تمثيله لأحوالهما فهو حين يقول:"إذا قلت: قام زيد، فقيل لك: أخبر عن زيد،فإنما يقول لك:ابن من قام فاعلاً،والحقه الألف واللام على معنى الذي،واجعل زيداً خبراً عنه،وضع المضمر موضعه الذي كان فيه في الفعل،فالجواب على ذلك أنْ تقول:القائم زيدٌ،فتجعل الألف واللام وذلك الضمير فاعل،لأنك وضعته موضع زيد في الفعل وزيد خبر الابتداء،وإن شئت قلته بـ(الذي) و(زيد) خبر الابتداء."(6) وإنما يقصد أن (ال) تُستخدم في الإخبار عن الجملة الفعلية وذلك عن طريق إدخالها على اسم الفاعل واسم المفعول كما في (القائم زيد) كما تستطيع الإخبار عن هذه الجملة الفعلية بـ(الذي) فتقول (الذي يقوم زيد)،ثم يُكمل:"ولو قلت:زيد في الدار،فقال:أخبر عن زيد بالألف واللام،لم يجز لأنك لم تذكر فعلاً،فإن قيل لك :أخبر عنه بـ(الذي) قلت:الذي هو في الدار زيد،فجعلت (هو) ضمير زيد،فرفعت (هو) في صلة الذي بالابتداء،و(في الدار) خبره،كما كان حيث قلت:زيد في الدار،وجعلت (هو) ترجع إلى الذي."(7)ويُريد من ذلك أن (ال) لا يجوز الإخبار بها عن الجملة الاسمية وإنما يقتصر ذلك على(الذي) فتقول:الذي هو في الدار زيد،فهو هنا يضع نصْب أعيننا قاعدة واضحة هي: نُخبر بالذي عن الجملة الفعلية والاسمية ولكننا لا نُخبر بـ(ال) إلا عن الجملة الفعلية. وخلاصة القول :أن الإخبار بـ(الذي )أعم من الإخبار بـ(ال) حيث أن(الذي) تدخل على الجملة الاسمية والفعلية بينما لا تدخل (ال) الا على مشتق من الجملة الفعلية(8)
و(ال) للعاقل ولغيره وتكون اسما موصولاً وإن كانت على صورة الحرف.. وتجيء بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث(أي أنها موصول مشترك)بشرط أن تدخل على الصفة الصريحة كاسم الفاعل واسم المفعول وصيغة المبالغة..

ومثال دخولها على اسم الفاعل:الشاكر..واسم المفعول:المشكور..وصيغة المبالغة:الشكور..ولا تدخل على (أفعل التفضيل) بتاتاً.. وفي دخولها على الصفة المشبهة نحو(الحسن وجهه) خلاف.. وعلى الفعل المضارع نحو(إلى ربه صوت الحمار اليجدعُ) خلاف أيضاً بين قائلٍ بدخولها اختياراً في الشعر والنثر، وبين مُثبتٍ بأن دخولها مجرّد ضرورة شعرية قبيحة لا يقاس عليها ..أما دخولها على الاسم والظرف نحو (من القوم الرسول الله منهم) و (من لا يزال شاكراً على المعه) فبلا شك ضرورة..اتفاقاً.....(9)








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)شرح الكافية الشافية لجمال الدين الطائي الجتّاني،ج1 ص297
(2)المقتصد في شرح الايضاح...لعبد القاهر الجرجاني...ص1145
(3)الجمل في النحو،لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، ص367
(4)همع الهوامع شرح جمع الجوامع في علم العربية،جلال الدين السيوطي،ص85
(5)التوضيح والتكميل .لشرح بن عقيل ...محمد عبد العزيز علي النجار ...ص117
(6)المقتضب للمبرد،ج3 ص89
(7)المقتضب للمبرد، ج3 ص90
(8)انظر الاشباه والنظائر في النحو...د/جلال الدين السيوطي ...ص138
(9)انظر أ-القواعد الاساسية للغة العربية ..سيد أحمد الهاشمي..ص103
ب- جامع الدروس العربية...للشيخ مصطفى غلاييني..ص152
ج- موسوعة النحو والصرف والإعراب...د/أميل بديع يعقوب..ص133
د- قواعد اللغة العربية...د/ مبارك مبارك...ص47